29/06/2022
2743 مشاهدة
كان لأفريقيا صلات قديمة مع العرب قبل الإسلام، وهي صلات تجاريَّة, وسياسيَّة، تتمثَّل في التجارة, وفي غزو الأحباش لبلاد اليمن، ولم يقطع الإسلام هذه العلاقات وإنَّما زادها قوَّة؛ فاتصال الإسلام بالحبشة يرجع إلى السنة الخامسة من الهجرة نصح الرسول المسلمين بترك مكة والهجرة إلى الحبشة لأن فيها (ملك لا يُظلم عنده أحد, وعادل في حكمه كريماً في خلقه)، وهناك يستطيعون العيش في سلام آمنين على أنفسهم وعلى دينهم، وكان عددهم في ذلك الوقت ثمانين رجلاً غير الأطفال والنساء أعتصامًا بعدلهِ ونجاة من قريش وعدوانها.
فجاء المسلمون بقيادة جعفر بن ابي طالب الملقب بــ(الطيّار) قرية النجاشي(1)، فكانت أول قرية يدخلها الإسلام في أفريقيا؛ وذلك عندما طلب النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) من صحابته الهجرة إلى أرض الحبشة, وذلك بعد أن حاربت قريش رسالته في مكة.
وكانت كلمة الحبشة تطلق في ذاك الوقت، على المنطقة الواقعة شمال شرقي أفريقيا، وتشمل كل من إريتريا, والصومال, والسودان, وجيبوتي, وإثيوبيا, اما الآن فأصبح الاسم مقتصراً على إثيوبيا.
وبعد أن نزل المسلمون أرض الحبشة، سكن الصحابة المهاجرون قرية النجاشي، وبدأ الإسلام ينتشر فيها، (ولمّا هاجر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) إلى المدينة رجع من بأرض الحبشة من المسلمين ورجع جعفر وذلك يوم فتح خيبر فقال رسول الله ص ما أدري بأيهما أنا أشد فرحاً بفتح خيبر, أو برجوع جعفر)(2), وتذكر المصادر التاريخية أن الملك النجاشي أسلم بعد أن تأثر بالمسلمين المهاجرين، ودفن جثمانه في القرية ذاتها سنة (9 هـ).
نص رسالة الرسول الأكرم الى النجاشي:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخته، كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني، فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمى جعفرًا ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاءوك فأقرهم، ودع التجبّر فإني أدعوك وجنودك إلى الله -عز وجل-، وقد بلغت ونصحت، فأقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى)(3).
--------------
1ـ نسبة إلى الملك النجاشي، أصحمة بن أبجر، الذي حكم أرض الحبشة. وهذه القرية الواقعة حاليا قرب مدينة (مقلي) عاصمة إقليم "تجراي"، شمالي إثيوبيا.
2ـ أعيان الشيعة, السيد محسن الأمين:ج ١/٢٣٤.
3ـ السيرة النبوية, لابن كثير: 2/42.