07/09/2022
2370 مشاهدة
نهر النيل هـــو أطول أنهـــار العالم؛ حيث يقطـــع النهر من منابعه عند بحيـــرة فيكتوريا حتى مدينة رشيد على البحر المتوسط مسافة تبلغ (٦٧٠٠ كم)، يعبر خلالها عشرة دول تُعرف بإسم (دول حوض النيل)(1)، أي ما يعادل ١٠ ٪من مساحة القارة الإفريقية.
ويستجمع النيل مياهه من منبعين رئيسين؛ هما: الهضبـــة الإثيوبية، وهضبـــة البحيرات الاســـتوائية، وتُعد الهضبة الإثيوبية هي الأهم، حيـــث تمد النيل عند مدينة أســـوان فى مصر بنحـــو (٨٥ بالمائة) من إيـــراده الســـنوي، أما هضبة البحيرات الاســـتوائية فيبلغ متوســـط إيرادها الســـنوي (١٣ مليـــار م٣)، وهي أكبـــر المصادر انتظاماً في إمداد النيل بمياهه على مدار السنة، وإن كانـــت لا تمد النيل عند مصبه إلا بنســـبة (15 بالمائة) من إيراده المائي السنوي(2).
وبالرغـــم مـــن جهود بعض الدول المبذولة للوصول إلى إطار قانوني يقنن أســـس الانتفاع بموارد نهر النيل، وتدشين مشـــروعات تعاونية تعظم الاســـتفادة من تلك الموارد؛ فإن تباين مواقف دول حوض النيل بشـــأن الالتـــزام بالاتفاقات القانونيـــة الموقعة خلال العهد الاســـتعماري أو حتى بعد الاســـتقلال، وإخفاق المشروعات التعاونية في تحقيـــق الأهداف المتوخاة منها، ظل يمثل نقطة ضعف أساســـية فـــي النظام الهيدروليكـــي لحوض نهر النيـــل، وعلى ذلك اقترحت مصر إنشـــاء (آلية شـــاملة) لتنظيم التعاون بين دول حوض النيل.
فإن التحدي الحقيقي الذي تواجهه دول حـــوض النيل لا يكمن في ندرة مياه النيل، وإنمـــا يتمثل في كيفية تعظيم الاســـتفادة من الكميـــات العظيمة من المياه التـــي تُفقد في حوض النيل؛ حيث يبلغ حجم الأمطار الساقطة في دول الحوض نحـــو (١٦٦٠ مليار متر مكعب) ســـنويا, يُفقد معظمها بفعل البخر والتســـرب والمستنقعات وغيرها.
فهل تُغلّب دول حوض النيـــل اعتبارات المصلحة المشتركة للجميع، أو تؤثر مصالحها الضيقة والاعتبارات السياســـية على ضرورات التعاون الجماعي، وهو التعاون الذي بات حتمياً في ظل التحديات الخطيـــرة التي تهدد الأمن المائي لـــدول الحوض، وفي مقدمتها التغيرات المناخية والمشكلات البيئية(3).
اما في العراق, ورغم وجود نهرين عظيمين كان العراق يعتبر من الدول الغنية بموارده المائية حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي؛ ففي ذلك الوقت، بدأت سوريا وتركيا بناء السدود على نهري دجلة والفرات مما تسبب بنقصان كبير في تصاريف الأنهار الواردة إلى العراق(4)، وكذلك بدأت نوعية المياه بالتردي, وتسبب هذا الوضع باهتمام أكبر بالحصص المائية لكل دولة متشاطئة في حوضي نهري دجلة والفرات لما لها من تأثير كبير على الأمن الوطني واستراتيجيات التنمية لهذه الدول.
ان الموارد المائية في العراق تعتمد بصورة رئيسة على نهري دجلة والفرات اللذين يجريان من تركيا شمالًا باتجاه الجنوب. ويلتقي النهران جنوب العراق في البصرة منطقة القرنة ليشكِّلا ما يُعرَف بشط العرب، ويأتي معظم مياه النهرين من تركيا بنسبة (71 بالمائة)، وتليها إيران (6.9 بالمائة)، ثم سوريا (4 بالمائة)، والمتبقي من داخل العراق؛ لذلك نستنتج بأن اكثر من (80 بالمائة) من وارد المياه الداخلة الى العراق هي من الخارج(5).
نرى ان الموارد المائية العراقية يسيطر عليها أصحاب الدول التي ينبع منها الماء فيخضعونها الى الأمور السياسية مع العلم ان هنالك اعراف وقوانين دولية تثبت وتؤكد أن دول المنبع لا يجب أن تؤثر على دول المصَب في إنشاء الهياكل أو التراكيب أو حتى السدود، من دون التشاور مع دول المصَب، وهذا ما لم يحصل، وهذه الأوضاع السياسية تؤثر على وضع المياه في حوض النيل, والعراق.
------------------------------------
1ـ وهي كل من: إريتريا، إثيوبيا، كينيا، أوغندا، تنزانيا، رواندا، بوروندي، الكونغو الديموقراطية، الســـودان، مصر.
2ـ ينظر: ازمة مياه في حوض النيل, مجلة دراسات افريقية, العدد السادس شوال 2010م.
3ـ المصدر نفسه: 56.
4ـ .Al-Ansari, N.A. and Knutsson, op.cit
5ـ ينظر: مياه الأهوار العراقية ثروة مهددة بالنضوب, نقلا من موقع الجزيزة.