26/09/2022
5050 مشاهدة
ما من انسان إلّا ويطلب السعادة, ولكن للبشر في طلب السعادة مذاهب وضروب شتى حتى أنهم قد يتقاطعون في طلبها, فيختلفون في المفاهيم والسلوك الموصل إليها, فما أوضح رغبة الناس فيها ؟!, وما أخفى الطرق إليها ؟!.
والسعادة في اللغة مشتقة من (سَعد), و(السعد) هو (اليُمن) وهو نقيض (النحس), والسعودة خلاف النحوسة, والسعادة خلاف الشقاوة, يقال يوم سعد ويوم نحس, والإسعاد هو المعونة, والمساعدة: المعاونة, واستسعد الرجل برؤية فلان أي عدّه سعداً, وسعديك من قولك: لبيك وسعديك, أي إسعاداً لك بعد إسعاد[1].
ومهما يكن للسعادة من تعاريف, ومناشئ, وأسباب, وعوامل؛ لِتُولَد وتنمو فيشعر بها الناس أفراداً ومجتمعات, فهي معروفة بالوجدان, ولذا نجد من السهل أن يجيبك من إذا سألته عن السعادة أيشعر بها أم لا؟, كما يمكنك أن تستفتي فيها امة تسألها عن سعادتها؛ لتعرف أي الأمم أسعد من غيرها, ثم بعد ذلك أبحث عن أسباب سعادتهم؛ لتعرف منشأها لديهم.
فإذا نظرت إلى الصورة المتصدرة للمقال تعرف لأول وهلة أي شعوب العالم أسعد من غيرها, كما يمكن أن تعرف أي شعوب إفريقيا أسعد من نظرائها, وقد تجد الأسباب واضحة قبل مزيداً من الفحص والبحث والتأمل, فعندما تسأل أحدهم عن سعادته قد يرتجل جواباً معتمداً على نظرة خاطفة إلى ما في يده من أسباب الرفاهية, وهكذا تأتي أغلب نتائج استفتاءات من هذا القبيل.
ولكن هناك وجهة نظر أخرى فقد قيل إذا كنت تريد أن تكون سعيداً فإسعاد الآخرين خير سبيل مختصر للوصول إلى ذلك, كأن تقدم لهم المساعدة التي يطلبون, وتتفقدهم, و تسأل عن حوائجهم فتقضيها لهم, فإن الارتياح الناشئ من تقديم العون و المساعدة لا تحققه وسائل الرفاهية خصوصاً إذا كان المرء يطلب المزيد و لا يقنع بما عنده.
و "مساعدة الآخرين ليست دوماً عبر الصدقة المادية، فوفقاً لمؤسسة (غالوب) التي أجرت مسحاً في 146 دولة قد يكون الموضوع عبر مدّ يد المساعدة، أو التطوع، أو التبرعات للجمعيات الخيرية أو حتى العطف واللطافة مع الغرباء, [فقد] قامت المؤسسة بإجراء مسح سألت فيه المشاركين فيما لو قاموا بأحد هذه الأمور السالفة الذكر في الشهر الماضي و أظهرت النتائج أن بعض الشعوب العربية كانت في المراكز الأولى عالميا فيما يتعلق بمساعدة الغرباء، إذ اقتنصت ليبيا المركز الأول عالمياً، و تلاها كل من العراق والكويت على الترتيب, كما كان لبعض الدول الإفريقية نصيب في القائمة"[1], التي تظهر فيها الشعوب المتقدمة عالمياً في تقديم يد العون والمساعدة للغرباء عام 2018م .
ولو قارنّا نتائج 2018م مع 2016م نجد العراق قد حافظ على موقعه المتقدّم, وتقدمت أربع دول هي ليبيا المتصدرة للقائمة, وليبيريا, وسيراليون, وغامبيا في مراتب متقدمة أيضا ضمن الدول السبعة الأولى, بعد أن كانت بعض تلك الدول متأخرة في إحصاء عام 2016م, و كان العراق يتصدر القائمة عالمياً, إذ تشير الاحصاءات أن كل ثمانية أشخاص من أصل عشرة عراقيين مستعدون لتقديم يد العون و المساعدة للغرباء, وعدّ ذلك مؤشراً لأكثر شعب ودود في العالم[1], وقد كانت خمس بلدان افريقية تحتل مواقع متقدمة أيضاً في عام 2016م هي ليبيا, و الصومال, و ملاوي, و بوتسوانا, و سيراليون.
وكأن هذه الشعوب المنهوبة الثروات عندما تمدّ يد العون لكل طالب وإن كان غريباً تقول (أنا بالعطاء أسعد وأرفع وأرقى , وأنتم "أيها الناهبون لثرواتنا" أدنى وأشقى).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ينظر: لسان العرب, ابن منظور الإفريقي, باب [سعد]
2 - https://bit.ly/2QQupPK
3- https://bit.ly/2swSotI