12/06/2018
2104 مشاهدة
في الآونة الأخيرة بدأت تنتشر وتتوسع في المجتمع العالمي ظاهرة تشغيل الأطفال التي أصبحت تترك آثاراً سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام,
وعلى الأطفال بشكل خاص, ولقد أخذ هذا الاستغلال أشكالا عديدة أهمها تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسدياً ونفسياً للقيام بها،
علماً أن العديد من الاتفاقيات الدولية قد جرّمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال,
ومنها تعترف الدول المعنية بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً,
أو أن يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي.(1)
اذ تتفطر القلوب لمشاهدة آلاف الأطفال وهم يمارسون أعمالا شاقة في البناء أو نقل الأثقال أو غير ذلك من النشاطات التي لا تتناسب مع أجسامهم الطريّة،
لكنها الفاقة والفقر الذي يدفع أُسراً افريقية كثيرة لإستخدام أطفالها في أعمال مُدرّة للدخل من أجل كسب لقمة العيش.
وتشير الاحصاءات والبيانات الدولية المختلفة أن مشكلة تشغيل الأطفال من المشاكل الأكثر خطورة في عالمنا المعاصر، وليست مقتصرة على دولة بمفردها أو عدة دول بل تشمل إضافة إلى البلدان الفقيرة،
البلدان الصناعية الأكثر تطوراً، وقد وجد أرباب العمل في عمل الأطفال مجالاً لتحقيق الأرباح الطائلة.
ويبدو أن طرح هذا الموضوع من جديد من قبل منظمة العمل الدولية يهدف إلى إثارة الرأي العام العالمي,
ليعير اهتمامه الدائم لهذا الوضع، ولإيجاد تيار دولي معارض لتشغيل الأطفال وفق المعايير الدولية التي تعرّف من هو الطفل؟, وفي المقال سنتطرق الى موضوع اصبح ظاهرة,
ألا وهو عمالة الأطفال في افريقيا اصبح ظاهرة منتشرة تقتل أجيالا بكاملها.
إحصاءات:
بينت الدراسة التى تعرضت للمشكلة, والتى حملت عنوان "مستقبل بدون اطفال عمال" التي اصدرها فى نيويورك (خوان سومافيا) المدير العام لمنظمة العمل الدولية قبل بدء اعمال مؤتمر الامم المتحدة حول الأطفال,
وأشارت منظمة العمل الدولية الى ان مشكلة عمالة الاطفال مشكلة خطيرة وان (352 مليون) طفلا تتراوح اعمارهم بين 7 و 17 عاما يشتغلون فى النشاطات الاقتصادية وان حوالى (246 مليون) طفلا
من العدد السابق يعملون فى ظروف عمل غير مقبولة بينما يتعرض (179 مليون) من هؤلاء الاطفال الى انواع قاسية من المعاملة التى تعرض حياتهم الجسدية والعقلية للخطر اما حوالى (106 مليون) طفلا فهم يعملون فى انواع عمل مقبولة للأطفال الذين بلغت اعمارهم على الاقل 15 عاما, وان انواع الاعمال السيئة التى يتعرض لها الاطفال العمال في أفريقيا هي الرق, والعبودية, والدعارة,
والتجنيد فى الجيش فى مناطق الصراعات واستخدام الاطفال لتهريب المخدرات وبعض النشاطات غير المشروعة الأخرى, اما التوزيع الجغرافي لعمالة الاطفال فيوضح ان اسيا ومنطقة المحيط الهادى تضم اكبر عدد من الاطفال العمال اذ يبلغ عددهم (127 مليون) طفلا
او نسبة 60 فى المائة من مجموع الاطفال العمال الكلي تليها دول افريقيا جنوب الصحراء.
ونقلت الدراسة ان في قارة افريقيا (400 الف) طفلاً في رواندا هم من العمال ويعمل (120 الف) منهم فى اعمال شاقة, ويوجد فى كينيا حوالى (9,1 مليون) طفلا عاملاً,
وفي زامبيا حوالى (595 الف) طفل.
وأشارت دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية, ان دول افريقيا جنوب الصحراء تشهد معدلات مرتفعة لعمالة الاطفال وان نسبة (41 فى المائة) من هؤلاء الاطفال يعملون فى النشاطات الاقتصادية ومعظمهم فى القطاع الزراعي
وأوضحت الدراسة ان (23 فى المائة) من العمال الاطفال فى العالم يوجدون فى القارة الافريقية, وان الاطفال العاملين دائما تكون أعمارهم اقل من 15 عاما.(2)
نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على (أن للطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين، اقتناعًا بأن على الأسرة، باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها وخاصة الأطفال،
أن تتولى الحماية والمساعدة اللازمتين لتتمكن من الاضطلاع الكامل بمسؤولياتها داخل المجتمع, كما يقر الإعلان بأنّ الطفل، كي تترعرع شخصيته ترعرعا كاملا ومتناسقاً،
ينبغي أن ينشأ في بيئة عائلية وفي جو من السعادة والمحبة والتفاهم،
وينبغي إعداد الطفل إعدادا كاملا ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وخصوصا روح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء).
ونصت المواثيق الدولية على توفير رعاية خاصة للطفل كما هو مبين في إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924م,
وإعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1959م, والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولاسيما في المادتين (23 و 24)
وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.(3)
التأثيرات السلبية لعمالة الأطفال:
1) التطور والنمو الجسدي: تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة، والبصر والسمع وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية،
الوقوع من أماكن مرتفعة، الخنق من الغازات السامة، صعوبة التنفس، نزف وما إلى أخره من التأثيرات.
2) التطور المعرفي: يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدي إلى انخفاض بقدراته على القراءة،
الكتابة، الحساب، إضافة إلى أن إبداعه يقل.
3) التطور العاطفي: يتأثر التطور العاطفي عند الطفل العامل فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسرى وتقبله للآخرين وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه.
4) التطور الاجتماعي والأخلاقي: يتأثر التطور الاجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين،
القدرة على التمييز بين الصحة والخطأ، كتمان ما يحصل له, وأن يصبح الطفل كالعبد لدى صاحب العمل.
إن هذا الوضع يتطلب منّا كمؤسسات تُعنى برعاية الطفل القيام بجهود مكثفة للضغط والتأثير للحد من هذه الظاهرة, وإصدار قوانين تحمي أطفالنا وبناء برامج توعية في المجتمع الأفريقي.(4)
----------------