المرأة في أفريقيا.. دور اجتماعي متباين

24/07/2022

5529 مشاهدة

لعبت المرأة الأفريقية دورا هاما في بناء المجتمع الأفريقي، حيث تمتعت بمكانة متميزة أكثر من غيرها لفترة طويلة. فإلى المرأة يرجع الفضل في قيام المجتمع الزراعي الذي على أساسه تتألف باقي المجتمعات الأخرى، بل وتبنى الحضارات، فكثير من العلماء يؤكدون أن هناك علاقة متداخلة بين المرأة والأرض وإبرازها على أنها ذات طابع ديني أو غيبي، فكلما حملت المرأة الأفريقية وانجبت طفلا، زادت خصوبة الأرض، وزاد محصولها.
واعتبرت المرأة في المجتمعات الأفريقية البدائية الأساس في تكوين الأسرة والحفاظ عليها ، بل كانت هي العائلة فحسب، دون الأب؛ للاعتقاد بأن الأُم وحـــدها هـــي التـــي تنجـــب الأولاد، وتحمــلٍ نتيجة روح أو طيف يزورها وهي نائمة، فيلقــي فــي رأســها بــذرة الطفــل الــــذي ينحــــدر إلــــى رحمهــــا ويــــستقر وينمــــو حتــــى يولــــد،  ثم تقوم بحمايته حتى يتمكن من تدبير أمور حياته بمفرده، ولهــــذا الــــسبب اعتبروا المرأة أكثر قدرة وأعلى قيمة من الرجل، حتى وصل الأمر إلى أن  عرف بعض العلماء "البشرية على أنها أنثوية الأصل".
كما يختلف دور المرأة في القارة أفريقيا من دولة لأخرى أو من منطقة لأخرى حسب العادات والتقاليد أو التاريخ أو الثقافة أو الدين، الخاص بتلك الدولة، أو المنطقة. فدور المرأة في دول شمال أفريقيا تختلف عن شرق وغرب أفريقيا وكذلك عن وسط وجنوب أفريقيا، وإن كانت المرأة في مضمونها وكيانها واحدة لا تتغير.

ــــ المرأة في الشمال الأفريقي
تتميز المرأة في دول شمال أفريقيا بدورها المؤثر في الحياة الاجتماعية وكذلك السياسية، بل يكون وجودها بارز وتمنح فرصا أكثر من الرجل، خاصة في دولة كالجزائر، وهي أحد أهم دول شمال أفريقيا التي تحصل فيها المرأة على حقها، وحصلت على ذلك منذ أن قاتلت جنبًا إلى جنب الرجال خلال حرب الاستقلال الجزائرية في عام 1962، مما جعلهن يحققن إحساسًا جديدًا بهويتهن وقدرا من قبول الرجال بهن في الساحة. وفي أعقاب الحرب، حافظت النساء على التحرر الجديد الذي حصلن عليه،  ثم شاركت النساء في تطوير وبناء الدولة الحديثة. وقد أعطت الجزائر للمرأة حق التصويت والترشح للمناصب السياسية كما أنها تتساوى مع الرجال في الحقوق والواجبات وأمام القانون، خلافا للدول أخرى في المنطقة.
كما تمثل الجزائريات نسبة 70% من العاملين في المحاماة, و60% من القضاة. كما تهيمن النساء على المجال الطبي والعلوم، كما تعد المرأة الجزائرية أحد أول نساء دول شمال أفريقيا في العمل كسائق سيارات الأجرة وحافلات النقل العام. كما تزداد أعداد النساء العاملات في قطاع الأمن والشرطة، عاما بعد عام،  وبشكل مطرد أصبحت المرأة تساهم في الدخل المادي للأسرة أكثر من  ما يساهم به الرجل.
وفي تونس حصلت المرأة التونسية على دور هام في المجتمع التونسي في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة ، مثل الوصول إلى التعليم العالي، والحق في طلب الطلاق، وفرص عمل معينة. وقدم هذه الإصلاحات في حين لا تزال تونس دولة إسلامية. صحيح أن المرأة في تونس تتمتع بكل هذه الحريات والحقوق، و هي حقوقٌ غالباً ما يحرمن منها النساء في البلدان المجاورة.
وازداد هذا الدور منذ يناير 2011 وبداية الثورة في تونس حيث كان للمرأة التونسية دوراً غير مسبوقٍ في الاحتجاجات، التي أودت بحكم الرئيس بن على زين العابدين، ورغم كافة الحقوق التي منحت للمرأة التونسية فإن وضعهن وحقوقهن داخل المجتمع التونسي لا يزال يتأرجح بين ما تمنحه الشريعة الإسلامية و بين ما تمنحه الحقوق المدنية العلمانية المتوفرة وفق القانون.
أما في المغرب فقد عاشت المرأة المغربية قبل الإسلام كمملوكة أو جارية، أما بعد وصول الإسلام في المغرب، فقد أصبح لها كياناً وحقوقاً ودوراً في ظل الدين الاسلامي الذي كرم المرأة وحررها من العبودية والانكسار فحصلت المرأة في المغرب على ثلاث حقوق أساسية وهي الحق في العيش، والحق في أن تحترم كأم، والحق في تملّك الأعمال التجارية والعمل.
وحينما خضعت المغرب للاستعمار الفرنسي عاشت النساء المغربيات في وحدات الأسرة التي هي "الأسر المغلقة" وعزلت المرأة داخل البيوت للقيام بالأعمال المنزلية، والتطريز، والحرف اليدوية، وقد سمح لها أحيانًا بحضور المدارس القرآنية، والذهاب إلى الحمام المغربي. وانتهى تدريجيا هذا الشكل من الحياة بعد استقلال المغرب عن فرنسا عام 1956، وأصبحت المرأة المغربية قادرة على الذهاب الى المدارس التي لا تركز فقط على تعليم الدين. وفي عام 2004 حدثت تطورات قانونية ضخمة أعطت للمرأة المغربية الحق في تطليق زوجها، وحضانة الأطفال، وتعديل بعض حقوق الملكية والميراث. ورغم ذلك فإن المرأة المغربية قليلة الحقوق مقارنة مع تونس والجزائر.
وعن المرأة الليبية، فقد كان لها دور ومكانة في القوانين المستحدثة على قدر كبير من الأهمية، خاصة بعد تغيير النظام السياسي ، كما حدث في العديد من دول الشرق الأوسط. وقد قال بعض المراقبين أن النظام قد بذل جهوداً في موضوع تحرير المرأة واعتبارها عنصراً مهماً في القوة العاملة التي تفتقر إليها ليبيا ، كما اعتبر مراقبون آخرون أن للنظام مصلحةً في توسيع قاعدته الاجتماعية والسياسية عبر تسويق فكرة تحرر المرأة،  مع كل ذلك فقد التزم القادة الليبيون بالالتزام بتحسين وضع المرأة الليبية في إطار القيم الأخلاقية العربية والإطار الإسلامي العام ، بل كان محور ثورة 1969 هو تمكين المرأة وإعطاءها مكانة أعلى.
وفي السودان تواجه المرأة العديد من التحديات حيث أنها تناضل من أجل أن يكون لها دور مؤثر في المجتمع السوداني، فبالرغم من حدوث تغيرات إيجابية في ما يخص المساواة بين الجنسين في السودان. منذ  عام 2012، واحتلت النساء 24.1? من الجمعية الوطنية في السودان. كما شغلت المرأة السودانية نسبة كبيرة من البرلمان الوطني وهي أعلى من العديد من الدول الغربية. فإن عدم المساواة بين الجنسين في السودان لا يزال موجوداً، لا سيما موضوع الختان والتفاوت في نسبة النساء إلى الرجال في سوق العمل، حيث منحت مؤسسة فريدوم هاوس التي تعنى بحقوق الإنسان السودان أدنى مرتبة بين الأنظمة القمعية لعام 2012. بينما حصلت دولة جنوب السودان على ترتيب أعلى قليلا ولكنها ظلت بين الدول المصنفة "غير حرة". وبناء على نتائج دراسات أجريت عام 2012 حصلت السودان في عام 2013 على المرتبة الـ 171 من أصل 186 دولة في العالم في تصنيف التنمية البشرية. واعتبرت السودان من الدول القليلة غير الموقعة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وهذا ما جعل المجتمع الدولي، يهتم بضرورة أن يكون للمرأة السودانية حقوق اجتماعية ومدنية وكذلك سياسية، مثلها مثل الرجل.
على النقيض نجد أن وضع المرأة ودورها جنوب السودان يختلف تماما عن شماله فمنذ الإعلان عن استقلال جنوب السودان في 9 يوليو 2011 والسيدات يشغلن 5 من 29 حقيبة وزارية، كما شغلت 10 نساء منصب نائب وزير من أصل 28. كما نشطت المرأة في جنوب السودان وساعدت على الاستقلال، وكان ذلك بتأمين الغذاء والمأوى للجنود، والاهتمام بالأطفال، ورعاية الجرحى أثناء جهادهم السياسي الطويل للاستقلال. وكمثال على ذلك تشكيلهن "لكتيبة البنات".

ــــ المرأة في شرق أفريقيا
لا يختلف دور المرأة ووضعها في شرق أفريقيا كثيرا عن دورها في دول الشمال الأفريقي، حيث نجد أن المرأة الأثيوبية تواجه الصعوبات الجسدية طوال حياتها، نظرًا لقسوة الأرض والطقس في أثيوبيا، حيث تتحمل المرأة ـــــ لكون الاعتماد عليها بالدرجة الأولي في تكوين العائلة ـــــ المشقة في حمل المواد الثقيلة لمسافات طويلة على ظهرها ، لعدم توفر وسائل مواصلات مناسبة، وكذلك القيام بطحن الذرة يدويًا، والعمل في المنزل، وفي المزارع بالإضافة لتربية الأطفال، والطبخ. كما تعاني المرأة الإثيوبية من تدني الخدمات الصحية، فلا تستخدم أغلبية السيدات في أثيوبيا أية وسائل لمنع الحمل، حيث تصل معدلات الخصوبة إلى 5.23 طفل لكل سيدة، لذلك تصاب السيدات بمرض الإيدز بمعدلات أكبر من إصابة الرجال، وطبقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية فإن 59% من السيدات في أثيوبيا قد تعرضن للأذى الجنسي والجسدي على مدار حياتهن كاملة. وطبقًا لنفس التقرير الصادر عن نفس المنظمة فإن 74.3% من إناث أثيوبيا في المرحلة العمرية ما بين 15-49 قد تعرضن لعملية تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)، لذلك نجد المرأة الأثيوبية كثيرا ما تعاني لغياب حقوقها.
أما المرأة الأوغندية فكانت دورها دائما تابع لدور الرجل، بالرغم من تحملها كافة المسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية، في المجتمعات التقليدية الأوغندية، فكانت تُعلَّمُ الفتيات منذ طفولتهن الانصياع لرغبات آبائهن وإخوتهن الذكور، وبعدما تتزوج تنصاع لرغبات أزواجهن، مما أنتج تبعيتهن للرجل في معظم مجالات الحياة العامة. وحتى الثمانينات، كان من المفروض على المرأة أن تركع عند التحدث إلى رجلٍ في بعض المناطق الريفية في أوغندا، هذا مع العلم أن المرأة في الوقت نفسه كانت تتحمل المسؤوليات الأساسية لرعاية الأطفال وزراعة المنتجات الأساسية، وفي القرن العشرين، قدمت النساء مساهمات كبيرة لزراعة المحاصيل والغلال ذات النفع الاقتصادي.


(قرية أوموجا) ملاذ النساء المعذبات في كينيا
رغم أن المرأة الكينية لديها تأثير متدفق في رعاية كل الأسرة والاهتمام بهم وهذا ما يعترف به الكثير من أصحاب السلطات الكينية، ولكن على الورق فقط، أو في الندوات والمؤتمرات، وهذا ما جعل بعض من النساء الكينيات تلجأن للتخلص من قهرها ودحض دورها، بالعيش بعيدا في وحدة بعيدا عن الرجل وتسلطه.  فأنشأت قرية للنساء فحسب، يحرم دخول الرجال إليها، وبدأت فكرة القرية بـ15 امرأة قررن أن يبتعدن عن القهر المعنوي والجسدي للرجال، وأطلقوا عليها أسم “أوموجا“ أي الوحدة باللغة السواحيلية، وتبعد عن العاصمة الكينية نيروبي 350 كيلو مترا ويعيش فيها حاليا 47 امرأة  و200 طفل،  يعقدن مجلسهن اليومي تحت "شجرة الكلام"، لاتخاذ كثير من القرارات المهمة بعد أن عانين كثيرا من  ظلم الرجال.
وتزعمت هذه القرية سيدة تدعى ناجوسي لوكيمو، والتي لجئت إلى القرية بعد أن  تعرضت للاعتداء على يد 3 جنود بريطانيين، من عناصر الأمم المتحدة، عندما كانت ترعى الماعز والأغنام، وعندما عادت الي بيتها أخبرت زوجها عن تلك الجريمة، لكنه لم يرحمها، بل زاد من تعذيبها، ففرت من المنزل، لتلقي مرارة الجوع والعطش والخوف لمدة 90 يوما، في الصحراء، وخلال هذه الرحلة، التقت بالعديد من النساء، اللاتي عشن تجارب مشابهة، وتنقلن معا بين المزارع، وحاولن بيع الخضراوات من أجل العيش، ثم قررن تأسيس قريتهن على نحو بسيط للغاية، وكسب دخل منتظم، يوفر الغذاء والكساء والمأوى للجميع.
ومع مرور الأيام أصبحت قرية "أوموجا"، ملاذا للنساء المعذبات، والهاربات من ظلم الرجال، وأصبحن يكسبن عيشهن من رعى الأغنام والماعز، وصنع الإكسسوارات وبيعها للسياح دون وجود للرجل.

ــــ المرأة في وسط أفريقيا
حظيت المرأة في جمهورية إفريقيا الوسطى، بدور مميز بالقياس الى الدول الأفريقية الأخرى، فاعتبرت أفريقيا الوسطى هي أول دولة إفريقية يكون رئيس مجلس وزرائها سيدة، هي السيدة إليزابيث دوميتين، في الفترة ما بين 1975 و1976, وتعد بذلك أول سيدة تتولى هذا المنصب في جمهورية أفريقيا الوسطى وفي القارة الأفريقية كلها, كما كانت السيدة جين ماري روث رولاند أول مرشحة لرئاسة الجمهورية في إفريقيا ، أما السيدة كاثرين سامبا بانزا الناشطة في مجال حقوق المرأة وخصوصًا مكافحة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث والعنف بجميع أشكاله فهي أول رئيسة  لدولة أفريقيا الوسطى، حيث تولت رئاسة المرحلة الانتقالية في الدولة منذ 23 يناير 2014 وهي بذلك تعد أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في دولتها وفي القارة الأفريقية، وهذا ما يعطي انطباعا على أن دور المرأة في أفريقيا الوسطى أتى ثماره.

أما جمهورية الكونغو الديمقراطية فلم تصل النساء هناك إلى موقف المساواة الكاملة مع الرجل، رغم نضالهن المستمر حتى يومنا هذا. وتأكيد النظام الحاكم على أهمية مساهمة المرأة في المجتمع،  وبالرغم من أن المرأة تتمتع ببعض الحقوق القانونية، مثل الحق في التملك والحق في المشاركة في القطاعات الاقتصادية والسياسية، فأن العرف والقيود الاجتماعية لا تزال تحد من الفرص المتاحة لهن.
ونتيجة للضغوط المستمرة على المرأة في منطقة وسط أفريقيا وخاصة في الكاميرون نجد أن بعض النساء من جماعة الأندلو في الكاميرون تقوم بإقرار عقوبات ضد الرجال الذين يرتكبون أعمال عنف ضد النساء، فحينما تتعرض المرأة للضرر تطلق صيحات معينة، وتردد النساء ذات الصيحات وراءها، ويتركن كل شيء ويذهبن إليه أو يكوًن جسرا، ويذهبن إلى مكان وجوده ويبدأن في الغناء والرقص، مرددين الصيحات المنددة بذلك الرجل، وفي يوم العقاب تلبس النساء ملابس الرجال ويمسحن وجوههن ويغطين أجسادهن بورق الشجر.. ويسرن في تظاهرة لمنزل الجاني ويقذفنه بأنواع من الثمار الضارة حتى يعود لها الحق.
كما أن للنساء التشاديات دور أساسي في دعم الاقتصاد، حيث اعتبروا المحللين أن المرأة في تشاد هي الدعامة الأساسية لاقتصاد الدولة، لذلك يتم الاعتماد عليها بشكل كبير عن الرجل خاصة في المناطق الريفية، حيث يفوق عددهن عدد الرجال.

ــــ المرأة في غرب أفريقيا
يشكل الدور الاجتماعي للمرأة في مالي من قبل تفاعل معقد بين مجموعة متنوعة من العادات والتقاليد في المجتمعات العرقية، وخاصة مع صعود وسقوط إمارات قبل الاستعمار، وأثناء الاستعماري، وبعد الحصول على الاستقلال، والانتقال إلى مرحلة التحضر، كل هذه الاحداث أثرت بشكل أو بأخر على دور المرأة ووضعها في مالي، فنجد أن تعداد النساء في مالي أقل بقليل من نصف السكان، كما نجد أن نسب الأم في في بعض المجتمعات يؤثر بشكل كبير في تحديد المَلِكْ الجديد لمالي.
ورغم أن نسبتهن ضئيلة بالنسبة للرجال في مالي، الا انه كان دائماً لهن دورا حاسما في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي لهذا المجتمع الريفي الزراعي، ونجد أن المرأة والرجل متساويان أمام القانون في مالي، ولكن لا يزال دور المرأة يتأثر بالعادات الاجتماعية والسمات الاقتصادية التي قد تحد من تصرفاتهم.

أما في منطقة الساحل الأفريقي (سيراليون، ساحل العاج، غينيا، ليبيريا )، تنتشر جمعية الساندي والتي تحاول أن تحمي المرأة وتؤكد على دورها في بناء المجتمع، فهي تسهم في تعليم البنات بعض المهارات كما إنها تركز علي العمل في مجالات التمييز الطبقي بإعطاء النساء الكبيرات في السن السلطة، وفي مجالات العمل والخدمات بشكل عام وفي مجال البعثات التبشيرية حيث تعيش البنات في مدارس منفصلة لعدة أيام، وتستفيد القيادات النسوية ماديا أيضا من الرسوم التي تدفعها الأسر لالتحاق بناتهم بالمدارس.
وإذا نظرنا لدور المرأة في ساحل العاج فنجد أن النساء هناك يشكلن أقل من نصف سكان البلاد في عام 2003 وقد تغيرت الأدوار الاجتماعية والفرص المتاحة للجنسين منذ عهد الاستعمار الفرنسي. فمنذ وصول ساحل العاج إلى الاستقلال في عام 1961 وحتى عام 1990 كانت المرأة أدنى وضعًا من الرجال في ظل القانون. ولكن جلبت التغييرات القانونية عقب وفاة الرئيس فيليكس هوفويت-بواني تحسّن في الفرص القانونية والتعليمية للنساء على كافة الأصعدة، كما تمكنت بهذه التغييرات المرأة في ساحل العاج من تَقَلُّدِ أعلى المناصب الحكومية وفي عالم الأعمال.


بالرغم من تمسك المجتمع بالتقاليد والعادات إلا أنها تختلف اختلافاً كبيراً من منطقةٍ إلى أخرى و تتبع عادةً السياق الاجتماعي. ويعيش داخل ساحل العاج أكثر من 60 مجموعة عرقية، تعطي كل من هذه المجموعات دوراً تقليدياً مختلفاً خاصاً للنساء، كما تؤثر الأديان المتواجدة في البلاد على وضع المرأة بشكل عامٍ.
وكما يحدث في النيجر من أن النساء اللاتي يعشن هناك هن مسلمات بنسبة 98%، فمعظم التشريعات التي تحمي المرأة في هذا البلد منبعها الإسلام، كذلك في نيجيريا يختلف دور المرأة بحسب متغيرات الدين والموقع الجغرافي، وبشكل عام فإننا نستطيع تقسيم دور المرأة في المجتمع النيجيري إلى النساء في شمال نيجيريا والنساء في جنوبها.
فنجد أن جمعية الاعتصام، تهتم بالتضامن الفطري بين النساء وممارستهن لسلطتهن في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، كما أنها تعبر عن أحد أشكال التضامن بشكل طريف، فالرجل الذي يعتدي علي امرأة ولا يأخذ بعين الاعتبار النقد الذي يوجه إليه أو الشكوي منه، يتم اتخاذ شكل من أشكال الحرب الاجتماعية عليه، فتعتصم النساء ويعلن الحرب على الرجل المخطئ، ويغطين رؤوسهن بغطاء معين ويمسحن وجوههن بالرماد، ويلبسن لباسا قصيرا.. ويقمن بغيرها من مظاهر وممارسات.. وما لم يدفع الرجل تعويضا، حتي ترفع النساء اعتصامهن.
أما في موريتانيا فنجد أن الدين والشريعة الإسلامية يتحكم بشكل كبير في مسار حياة المرأة الموريتانية, وقد يقتصر تعليم بعض الفتيات على حضور بعض المدارس القرآنية، لتعلم بعض آيات من القرآن وتحقيق الحد الأدنى من مهارات القراءة والكتابة، وتتولى الأم تعليم ابنتها بعض الشؤون العائلية والمنزلية ورعاية الأطفال. أما الأب فيكون اهتمامه الأكبر هو تجهيز بناته للزواج، حيث تتعرض الفتيات المراهقات غير المتزوجات إلى النقد الاجتماعي الشديد.
كما نجد أن عوامل متعددة أثرت على دور المرأة في المجتمع الموريتاني في أواخر الثمانينات إثر تطبيق الشريعة الإسلامية في مناطق غرب إفريقيا والتي منحت المرأة بعض الحرية في مناحي المجتمع والاقتصاد؛ كما أثر التطور الاقتصادي المتسارع في موريتانيا في التأثيرات التي باتت تتضاءل للمجتمع البدوي والتي أعيد النظر بها.

وفي السنغال نجد أن التقسيم التقليدي للعمل هناك جعل المرأة السنغالية هي المسؤولة عن المهام المنزلية مثل الطهي والتنظيف، ورعاية الأطفال. كما أنها مسؤولة عن نسبة كبيرة من العمل الزراعي، بما في ذلك إزالة الأعشاب الضارة والحصاد، وزراعة وحصد المحاصيل المعتادة مثل الأرز، أما الرجل وخاصة مع التغيرات الاقتصادية، والتمدن الذي تشهده معظم الدول الأفريقية، بدأ يذهب ليبحث عن العمل خارج نطاق حدوده فلجأوا للهجرة إلى المدن، وهذا ما زاد من العبء على كاهل المرأة السنغالية خاصة الريفية في إدارة موارد وغابات القرية ومطاحن الدخن والأرز فيها.
وهذا الدور جعل لها مكانة متميزة في بناء المجتمع هناك، حيث قامت وكالة التنمية الريفية الحكومية السنغالية بتنظيم نساء القرية وإشراكهن في نشاط أكبر في العملية التنموية، كما تلعب المرأة السنغالية  دوراً بارزاً في لجان الرعاية الصحية في القرى وبرامج ما قبل الولادة وما بعدها. أما في المناطق الحضرية . فقد لوحظ تغيير في الثقافة التي كانت تنظر للمرأة كإنسان درجة ثانية،، كما نجد أيضا أن المرأة السنغالية مؤثرة بشكل كبير في المجتمعات التقليدية، حيث استخدِمت النساء من طبقة النبلاء كمؤثراتٍ في الكواليس السياسية. كما أن نسب الأم يمثل الوسيلة الوحيدة لأن يصبح شخص ما أميرٍا أو ملكاً.


وفي بنين بدأ دور المرأة يتطور ووضعها يتحسن بشكل ملحوظ منذ استعادة الديمقراطية والتصديق على الدستور، وإصدار قانون الأحوال الشخصية والأسرة في عام 2004، ولكن العادات والتقاليد التي تحط من قدر المرأة وتضعها في مكان غير متكافئ مع الرجل لاتزال تهيمن على تصرفات الأشخاص بشكل عام، كما يستمر وقوع حالات من تعدد الزوجات والزواج القسري رغم وجود قانون بتجريم هذه الأفعال ، إلا أن الفساد يعرقل عمل الشرطة، والخوف من وصمة العار الاجتماعية يجعل من القصاص الحقيقي أمرًأ مستحيلًا، ويحدث ذلك أيضًا في جرائم العنف المنزلي، فرغم تجريمها قانونيًا بعقوبة تصل إلى 3 سنوات إلا أن تردد النساء في الإبلاغ عن هذه الحالات يجعلها متكررة الحدوث وعلى نطاق واسع.

ــــ المرأة في الجنوب الأفريقي
في أنغولا نجد أن دور المرأة هناك يتحدد في النشاط الزراعي حيث تقوم دولة أنجولا على النشاط الزراعي كما هو حال العديد من الدول الأفريقية، فتشارك السيدة الأنجولية في الأعمال الزراعية بالإضافة إلى الأعمال السياسية والمصالح الاقتصادية، فضلًا عن تكوين الأسرة وإنجاز العمل المنزلي، كما أن معظم السكان يعملون في الأنشطة الزراعية وخاصة في المناطق الريفية في أنغولا، لكن الكثير من العمل الزراعي يكون على عاتق المرأة هناك، كما تشارك المرأة الأنغولية في تأسيس الأسرة والمجتمع والسياسية، وتساهم أيضًا في العديد من الأمور الحياتية الخاصة بالقبيلة أو العائلة التي تنتمي إليها بالإضافة  إلى الاعتبارات الشخصية. وبما أن الأسرة الأنغولية عادة ما تكون أعدادها كبيرة. فالنساء هن من يعددن الطعام للأسرة ويتوجب عليهن أداء جميع الأعمال المنزلية الأخرى. وحيث أن دورها كان كبيراً في إنتاج الأغذية، فقد أحتلت المرأة مكانة متساوية نسبياً مع الرجل الذي قضى جزءا كبيرا من وقته في الصيد أو الاعتناء بالماشية.

تأتي جزر القمر في مقدمة الدول العربية الأفريقية من حيث منح المرأة حقوقها، والاعتراف بدورها المتميز، حيث تشغل المرأة 20 % من المناصب الوزارية، كما تحتفظ الزوجة عادة بالأرض أو المنزل في حالة الطلاق. بالإضافة لكون المرأة لا تعاني ضغوطًا لإنجاب الذكور دون الإناث، كما أن تنظيم الأسرة مقبول على نطاق واسع وتدعمه حملات توعية تديرها الدولة. بالرغم من الوضع الاقتصادي المتدني و كون أزواج النساء في جزر القمر هم عادة من المزارعين أو العمال إلا أنهن و في كثير من الأحيان يتحركن بحريةٍ أكثر من نظرائهنَّ في أوساط النخبة الاجتماعية. فالنساء هناك عموماً لسن منعزلات. وقد شكلت النساء في جزر القمر نسبة 40.4% من قوة العمل في  بداية التسعينيات، وهو رقم أعلى قليلا من المتوسط بالنسبة لدول إفريقيا جنوب الصحراء .وعلى نطاق الحياة السياسية في جزر القمر  لعبت المرأة دوراً محدوداً فيه.
وفي مدغشقر تعيش المرأة عمرًا أطول من الرجال، ولكن دورها محدود لكونها لا تملك نفس الفرص التي يملكها الذكور في التعليم والعمل. ، ويزيد في مدغشقر (عموماً) متوسط عمر النساء على متوسط عمر الرجال.
كما تعاني الإناث في مدغشقر من الزواج المبكر والإنجاب في سن صغيرة جدًا، وحسب التقاليد يقمن بخدمة أزواجهن. فأقل من ثلث نساء مدغشقر ينجبون في سن أكبر من 19 سنة.  وحتى النساء اللاتي يحاولن تأجيل عملية الحمل والإنجاب غالبًا ما قد يفشلن في الحصول على وسائل منع الحمل المناسبة، ويترتب على ذلك ارتفاع حالات الإجهاض، وبالرغم من نص الدستور على مساواة المرأة بالرجل فإن المرأة عادة لا تحصل على حقوق التملك و لا على فرص عمل متساوية مع الرجل في مناطق معينة.


أما مالاوي فتعد مالاوي أحد أفقر دول العالم، كما أن نصف الإناث في مالاوي يجبرن على الزواج قبل سن 18 سنة حسب إحصائيات الأمم المتحدة لعام 2012، بذلك تمتلك مالاوي أحد أكبر معدلات زواج الأطفال  في العالم. وتتعرض الفتيات الصغيرات بدءًا من سن 7 سنوات إلى تقاليد جنسية عنيفة. وفي عام 2015 وضعت مالاوي قرارا بتجريم زواج الأطفال تحت سن 18 سنة، ومع ذلك فالتقاليد والعادات تدفع الأهل لعدم الالتزام بالقانون وتزويج بناتهم تحت السن القانوني. بالإضافة إلى الدوافع المادية حيث تلجأ العديد من الأسر لتزويج فتياتها للتخلص من أعباءها المادية على الأسرة.
وكما في الدول الصناعية الأخرى، فإن دور النساء في موريشوس يتغير دراماتيكيا ، وأحد أهم الأسباب التي كانت وراء هذا التغير هو تأثير المرأة في العديد من الوظائف التي أنشئت في الثمانينات في مناطق التصدير، بالرغم من الأجور المتدنية في أغلب الأحيان إلا أن دور المرأة سابقاً كان قد انحصر فقط في دور الأم والزوجة ـــــــ والتي منحتها بعض الحرية الاجتماعية ــــــ إلا أنها الان تتدرج من الأفضل إلى الأفضل.
تتمتع المرأة في جزر سيشل بنفس حقوق الرجل السياسية والاقتصادية والمدنية كالرجل، وهذا يرجع لكون النظام الاجتماعي في جزر سيشل هو نظام أمومي، تسيطر الأم على مقدرات المنزل، وتتحكم في توجه العائلة و مستقبل الأبناء، ففكرة الأمومة لديهم عادة اجتماعية حتى دون زواج، لذلك تحتل المرأة هناك مكانة ودورا بارزا يحترمه الجميع، لكن حسب القانون فإن الدعم المادي يجب أن يأتي من الرجال، فأهميتهم تكمن في الحصول على دخل مادي ، ولكن دوره يعتبر نسبياً هامشياً، تعتمد السيدات الأكبر عمراً على تحصيل الدخل من أفراد العائلة .
منذ أن نشأت دولة سيراليون عام 1787 كان دور المرأة أساسياً في تطوير اقتصاد الأمة،  كما أنهن يلعبن دوراً مهماً في نظام التعليم، وذلك بإنشاء المدارس والكليات، لدرجة أنه تم إنشاء نصب تذكارية كعرفانٍ لمساهماتهن في هذا المجال مثل حنا بينكا-كوكر والسيدة لاتي هادي-فورستر وهي أول أمرأة تتخرج من كلية فوره بي فقد منحت شهادة الدكتوراه في القانون المدني من جامعة سيراليون.
تتميز دولة جنوب إفريقيا، بأن جميع الجماعات العرقية والأثنية هناك لديها معتقدات قديمة فيما يتعلق بأدوار الجنسين، وتستند في الغالب على أساس أن النساء في جنوب إفريقيا هن أقل أهميةً أو أقل استحقاقاً للسلطة، من الرجال، فمعظم المنظمات الاجتماعية التقليدية الإفريقية تركز على الذكور، والذكور يهيمنون على جميع مناحي الحياة، حتى في التسعينات من القرن السابق كانت بعض المناطق الريفية في جنوب إفريقيا لديها عادات تتماشى وهذا المفهوم الذي يعطي الرجل قيمة أعلى ، فعلى سبيل المثال تقوم الزوجة بالسير خلف أزواجهن ببضع خطوات تماشياً مع الممارسات التقليدية. ورسخ هذا المفهوم بعض المعتقدات الدينية مثل تركيز الأفريكانية ــــــ والتي تركز على الفهم النظري للكتاب المقدس ـــــــ على فكرة تستند ان مساهمات المرأة في المجتمع ـــــ عادة ـــــ ينبغي أن يوافق عليها الرجل، أما مجتمعات الجنوب إفريقيين من ذوي الأصول البريطانية فإنها تميل إلى أن تكون المجموعة الأكثر ليبرالية، بما في ذلك المسائل المتعلقة بأدوار الجنسين.
من هنا وحسبما ترى الناشطة النسائية الدكتورة "فاطمة بابكر" فى كتابها «المرأة الأفريقية بين الإرث والحداثة»، أن ما يحدث للمرأة الأفريقية من استغلال وقهر، واختلاف في التعامل ، من منطقة و دولة الى أخرى يعود للعقلية الذكورية الطبقية والرأسمالية المسيطرة على المجتمع الأفريقي، لذلك إذا أرادت المرأة تغيير العالم فلابد لها من رؤية ونظرية نسوية تلهمها وتفتح لها الطريق فى سبيل هذا التغيير .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
ـ علياء الحسين محمد كامل، النسب الأمومي ودور المرأة لدى شعب السرر بغب وجنوب السنغال، دراسة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية ، مجلة الشؤون الأفريقية (القاهرة : جامعة القاهرة ، معهد البحوث والدراسات الأفريقية ، المجلد 2 ، العدد 5 ، يناير 2014).ص 196.
ـ د. محمد عبد الغني سعودي، أفريقيه في شخصية القارة وشخصية الأقاليم، (القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، 2014).
ـ سماح دياب، المرأة الأفريقية بين الإرث والحداثة،
http://www.ahram.org.eg/
ـ شهرزاد أمسكان ،  أيُّ دورٍ للمرأة الأفريقية في بناء ثقافة السلام ودعم التحول الاجتماعي والاقتصادي للقارة
http://www.nadorcity.com/
ـ وضع المرأة الأفريقية.
http://www.aljazeera.net
ـ أمانى الطويل ،المرأة في إفريقيا.. تاريخ ومكانة وجمال
http://hadarat.ahram.org.eg

المعرض


ملاحظة/ التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر
التعليقات